ميلاد مكتب جهوي للنقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام بجهة بني ملال خنيفرة
يسود غضب وسط الأساتذة جراء مضي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في إصدار قرارات التوقيف عن العمل في حق عدد منهم من المضربين عن العمل احتجاجا على النظام الأساسي، ويتهمون الوزارة بعدم قانونية قرارات التوقيف التي تصدرها ويؤكدون توجههم إلى القضاء.
ورفض عدد من الأساتذة تسلّم قرارات التوقيف عن العمل، التي تتولى تبليغها المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، “نظرا لعدم قانونيتها”؛ في حين تسلّمها أساتذة آخرون على أساس الطعن فيها أمام القضاء الإداري.
واستندت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في قرارات التوقيف التي أصدرتها في حق مئات الأساتذة، إلى مقتضيات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، غير أن الأساتذة المعنيين اعتبروا أن هذه القرارات غير خاضعة للمسطرة القانونية المعمول بها، وأنها تتنافى ومقتضيات الدستور.
واعتبر رضوان الرغيبي، عضو المكتب الوطني للتنسيقية الموحدة، أن قرارات التوقيف عن العمل التي أصدرتها الوزارة “تخالف مقتضيات الدستور الذي نص على الحق في الإضراب، ولم تخضع للمساطر المتعلقة بالتأديب المعمول بها”، قائلا: “نحن مُضرِبون ولسنا منقطعين عن العمل”.
من جهته، اعتبر المحامي محمد المهرازي، محام متمرن بهيئة أكادير، أن قرارات توقيف الأساتذة الصادرة عن وزارة التربية الوطنية، سواء المتعلقة بالأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين (المتعاقدين) أو بالأساتذة المرسمين، تفتقر إلى الشروط القانونية.
بخصوص الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، أوضح المهرازي، في تصريح لهسبريس، أن الدولة إلى حد الآن لا تعترف بهم كموظفين عموميين، وبالتالي، يردف المتحدث، لا يمكن، من الناحية القانونية، أن تطبق عليهم قرارات التوقيف المستمدة من قانون الوظيفة العمومية.
وبالنسبة لقرارات التوفيق الصادرة في حق الأساتذة المرسّمين، أفاد المهرازي بأنها لم تحترم مبدأ تدرّج العقوبة، التي تبدأ، كإجراء أول، بتوجيه استفسار إلى المعني بالأمر، ثم الإنذار، ثم الإحالة إلى المجلس التأديبي الذي يتخذ العقوبة المناسبة.
وينص الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية على أنه “باستثناء حالات التغيب المبررة قانونا، فإن الموظف الذي يتعمد الانقطاع عن عمله يعتبر في حالة ترك الوظيفة؛ ويعد حينئذ كما لو تخلى عن الضمانات التأديبية التي ينص عليها هذا النظام الأساسي”.
ووضع النص القانوني المذكور جملة من الشروط يتعين تطبيقها قبل توقيف الموظف المعني، حيث يوجه رئيس الإدارة إلى الموظف المؤاخذ بترك الوظيفة إنذارا لمطالبته باستئناف عمله، يحيطه فيه علما بالإجراءات التي يتعرض لها في حالة رفضه استئناف عمله.
ويوجه هذا الإنذار إلى الموظف على آخر عنوان شخصي له مصرح به للإدارة، وذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول بإشعار بالتسلم.
وبحسب النص القانوني ذاته، إذا “انصرم أجل سبعة أيام عن تاريخ تسلم الإنذار ولم يستأنف المعني بالأمر عمله، فلرئيس الإدارة صلاحية إصدار عقوبة العزل من غير توقيف الحق في المعاش أو العزل المصحوب بتوقيف حق المعاش وذلك مباشرة وبدون سابق استشارة المجلس التأديبي”.
وإذا تعذر تبليغ الإنذار، وفق المقتضى نفسه، “أمر رئيس الإدارة فورا بإيقاف أجرة الموظف المؤاخذ بترك الوظيفة. وإذا لم يستأنف هذا الأخير عمله داخل أجل ستين (60) يوما ابتداء من تاريخ اتخاذ قرار إيقاف الأجرة وجب تطبيق العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة أعلاه، وفي حالة ما إذا استأنف الموظف عمله داخل الأجل المذكور عرض ملفه على المجلس التأديبي”.
الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي، المشاركة في الحوار بين الوزارة الوصية والنقابات حول النظام الأساسي، أدانت بدورها قرارات التوقيف الإدارية والمالية الصادرة في حق الأساتذة، واصفة إياها بـ”التعسفية”، و”اللا قانونية”، محذرة من أنها “لن تزيد الأوضاع إلا تأزما، مما يرهن أكثر مستقبل السنة الدراسية للمجهول”.
وعبرت النقابة ذاتها، عقب اجتماع مكتبها الوطني، السبت، عن “احتجاجها بقوة على المراسلات اللا قانونية بالتوقيفات عن العمل مع توقيف الأجرة ضد عدد من الأساتذة والأستاذات، المضربين”، ذاهبة إلى وصف المقاربة الجديدة للوزارة بـ”المقاربة القمعية والتعسفية ضد ممارسة الحق في الاحتجاج السلمي”، وأنها “انتهاك صريح ضد ممارسة الحق في الإضراب المكفول بالمواثيق الدولية والوطنية”.
وبلغ عدد الأساتذة والأستاذات الذين صدرت في حقهم قرارات التوقيف عن العمل زهاء 3000 أستاذ وأستاذة، بحسب إفادة رضوان الرغيبي.
وصرح المتحدث ذاته بأن تنسيقيات الأساتذة كانت بصدد الدعوة إلى تعليق الإضرابات، غداة الإنزال الوطني بمدينة الرباط يوم الخميس الماضي، “كتعبير عن حسن النية، ومنح أجل معين للحكومة للاستجابة لمطالب التنسيق الوطني للتعليم، ولكن قرارات التوقيف التي صدرت في اليوم نفسه نسفت هذا التوجه”، على حد تعبيره.
وكانت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة قد وجهت، يوم 4 يناير، مذكرة إلى مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والمديرين الإقليميين، “في شأن اتخاذ الإجراءات الضرورية لتأمين إنجاز الحصص الدراسية بمختلف المؤسسات التعليمية العمومية”.
ودعت الوزارة مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين إلى “العمل، بالحزم والصرامة اللازمتين، بتنسيق مع السلطات المحلية، على اتخاذ كافة الإجراءات التي تتيحها المقتضيات التنظيمية والقانونية الجاري بها العمل للتصدي لكل الأفعال والسلوكات التي تعيق المرفق التربوي العمومي، والحرص على سيادة الضوابط التربوية والإدارية داخل مؤسسات التربية والتعليم العمومي، وعدم التساهل مع أية ممارسة من هذا القبيل”.