بعد جماعة النواصر، عامل الإقليم جلال بنحيون يعقد لقاء مع منتخبي جماعة اولاد صالح .
بعد انتهاء أشغال الدورة الربيعية للسّنة التّشريعيّة الثّانية للحكومة الحالية، بزعامة حزب التّجمع الوطني للأحرار، بدأت التقييمات تشمل دور المُعارضة خلال هذه الفترة، بحيث اعتبر متتبعون أنّها “معارضة سجّلت ضعفا واضحا وكانت منعدمة التأثير”، بالمقارنة مع سنوات أخرى سابقة كانت على الأقل معارضاتها حاضرة في الإعلام الرسمي والخاص، ومساهِمة في النّقاش العمومي والتدافع السياسي السلمي بين أحزاب الأغلبية وأحزاب المعارضة.
نبيلة منيب، الأمينة العامة لـ”الحزب الاشتراكي الموحد” المعارض، قالت إنّ “المعارضة ليست ضعيفة، وإنما تمّ إضعافها، لأن الحكومة أيضا ضعيفة أمام فقدان سيادتنا الوطنية لصالح الصّناديق المانحة؛ وحين يتمّ التحكم فينا ماليا فإنه يجري التحكم فينا سياسيا”، موضحة أنّ “المعارضة تعيش وضعا ملتبساً راجعاً إلى هذا الاستلاب، لكونها غير قادرة على فعل أيّ شيء أمام حكومة تابعة، تتمتع بأغلبيّة مطلقة وتنفذ بإخلاص تعاليم صندوق النقد الدولي، بما فيها خوصصة أهم المؤسسات العمومية”.
كما ذكرت الأمينة العامة لـ”حزب الشّمعة” أن “المعارضة تتقدم أحيانا بحوالي 50 أو 70 مقترح تعديل، فيقف الوزراء ليقولوا في نهاية المطاف كلمة واحدة: مرفوض”، مردفة: “الحكومة لا تقبل أي ملاحظة من المعارضة التي تقوم بعمل جبار. كما أننا نستغرب تقدم بعض أحزاب المعارضة بتعديلات، وحينما تُرفض تصوت لصالح القوانين. كيف يعقل أن تتقدم بتعديلات مهمة وعندما ترفض كلها تصوت مع الأغلبية؟ هذا يزيد في إضعاف المعارضة”.
وذكرت منيب أيضا أنّ “وسائل الإعلام بدورها تعرضت للاختطاف، وصارت تتناول عمل المعارضة باحتشام، رغم أن هناك منابر وطنية تسعى إلى استقاء مختلف وجهات النظر”، معتبرةً أنّه “حين تنتهي جلسات البرلمان تقصد الصّحافة الوزراء مباشرة وتهمّش تصريحات البرلماني، رغم أنّه منتخب، ومن ثمّ هو أهم من الوزير الذي تمّ تعيينه”. والبرلماني، وفق المتحدثة، “هو الذي سيقول حقا ما الذي يجري سياسيا؛ لكنّ المعارضة داخل اللعبة السّياسية المغربية صارت لا تعارض شيئا، رغم أنها يجب أن تكون ضمير الشّعب وضمير الحكومة”.
من جانبه، قال المحلل السياسي عبد الحميد بنخطاب إنّ “نقاش ضعف المعارضة أو إضعافها هو نقاش سياسوي خالص، وليس علميا، لأنّ المعارضة ذلك قدرها حتى من الناحية الدستورية”، موضحا أن “النقاش الموضوعي يقضي بالانطلاق من حقيقة أنّ أدوار المعارضة المؤسّساتية داخل البرلمان وخارجه تظلّ جد محدودة، لأنها أقلية بالمقارنة مع الأغلبية؛ والأخيرة لديها الشرعية الدستورية والانتخابية والقانونية لكي تقرر وتتكلم، بل احتكار الكلام والفعل السياسي”.
وبهذا المعنى، اعتبر المتحدث ذاته أن “المعارضة ليست ضعيفة، بل أدوارها المؤسساتية والدستورية المحدودة تفرض عليها أن تكون كذلك، هذا هو منطق الأشياء”، لافتا إلى أنّ “المعارضة مع ذلك مطالبة بالمشاركة والمساهمة في النقاش العمومي، وأن تعي أنها لا تقوم بالمعارضة لأجل المعارضة، بل لأن المعارضة تشكل جزءا متمما للنظام السياسي المغربي وفاعلاً أساسيا في البناء الذي نبتغي من ورائه الانتقال الديمقراطي؛ فبدون معارضة قوية أو على الأقل بدون معارضة بالمعنى الحقيقي للكلمة ليست هناك ديمقراطية”.
وأجمل بنخطاب بأنّ “المعارضة المغربية تعيش خصاصا حتى على مستوى البروفايلات، أي ليس لديها غالبا نواب يتميزون بكاريزما كبيرة يمكن أن تؤثر على صناعة القرار الحكومي والسياسي، أو أن تكون نموذجا يتأثر به كافة أعضاء المعارضة بمختلف تلويناتهم الحزبية”، خاتما بأنه “حين لا تتوفر المعارضة على شخصيات قوية من شأنها أن تجعل صوت المعارضة قويا ومدويا ومسموعا فإن النتيجة الطبيعية أنّ صوتها سيكون خافتا أو ضعيفا أو غير مسموع؛ لكن تبقى المعارضة أسياسية في كل نظام سياسي ديمقراطي أو حتى منتقل نحو الدّيمقراطية”.