بعد جماعة النواصر، عامل الإقليم جلال بنحيون يعقد لقاء مع منتخبي جماعة اولاد صالح .
جسّدت مشاهد محاولات مئات المهاجرين من مختلف الجنسيات، منهم قصر، وهم يسبحون نحو مدينة سبتة المحتلة، ظاهرة صعوبة نزع فكرة “الحريك” من ذهن هذه الفئة، وأكدت استمرار تأثير التفاوت الحاصل بين القارتين الأوروبية والإفريقية على موجات الهجرة المستمرة دون توقف.
واستيقظت الحدود البحرية بين المغرب وثغر سبتة المحتل، الأحد المنصرم، على واقعة استغلال مئات المهاجرين حالة الطقس الضبابي بالفنيدق من أجل العبور نحو “الفردوس الأوروبي”.
هذا الفردوس الذي يشكّل للمهاجرين عموما، وفق خبراء في مجال الهجرة، “خدعة مميتة”، لن يغيّر أي برنامج أو استراتيجية، أو أي تطوّر كيفما كان، من مفهومه بالنسبة لساكنة دول الجنوب، طالما أن “الأسباب الحقيقة في التفاوت الحاصل مع سكان دول الشمال مستمرة منذ نهاية الاستعمار”.
وأعاد تشكيل القاصرين القاعدة الأهمّ في الهروب الجماعي نحو سبتة، الأحد الماضي، من جديد، نقاش تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على مخيال شباب الجنوب، وموجات المؤثّرين القاطنين بالدول الأوروبية ممن يعتبرون أنفسهم، وفق صفحاتهم، “ناجحين في الهروب من حقارة الفقر والبطالة بمجتمعاتهم الأصلية”.
مواقع التواصل الاجتماعي
يرى عبد الحميد جمور، باحث متخصص في الهجرة والتنمية جنوب-جنوب، في تفسيره لواقعة سبتة أنه “بالإضافة إلى التفسيرات الكلاسيكية، تنضاف اليوم التكنولوجيا ودور وسائل التواصل الاجتماعي التي طالما تنقل وصول القاصرين سباحة إلى سبتة كنوع من النجاح والتحدي، بل أكثر من ذلك توجّه بعض الصفحات والمؤثرين لتبسيط مساطر هذه المغامرة نظريا، مع العلم أن خطورة الفعل قد تمس الإنسان في أحد الحقوق الأساسية، وهو الحق في الحياة”.
وأضاف جمور، متحدّثا لخبر سات، أنه “إذا كان تاريخ البشرية هجري فيما مضى، فاليوم أضحت جغرافية الدول لها نصيبها في فعل الهجرة، وهنا لا يستثنى القاصرون ولا النساء من استمرارية ديناميات الهجرة، التي تحيلنا على استمرارية الفعل، مما يعني ترسيخه في مخيال المجتمع باعتبار التنقل غريزة إنسانية تدفع إلى البحث عن آفاق تستجيب ودوافع قرار الهجرة”.
وأورد الخبير في مجال الهجرة أن “الحد من الظاهرة يستدعي عملا متناسقا على جميع المستويات، بدءا من المستوى الرسمي بين الدول وصولا إلى المجتمع المدني، حتى يسير بوتيرة أسرع من وتيرة عمل شبكات الهجرة غير النظامية والتأثيرات المجتمعية التي تجعل من المغامرة بالحياة تحديا يستحق التجريب”.
وفي الإعلام الإسباني، ذهب نقاش واقعة سبتة إلى “مساءلة بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء، عن استثنائه المغرب ضمن محطة تشمل حصْرا دول غرب إفريقيا لمعالجة الهجرة نحو الكناري”.
التفاوت مستمر
وبالنسبة لحسن بنطالب، باحث مختص في مجال الهجرة واللجوء، فإن “لا شيء سيوقف موجات الهجرة سواء الشرعية أو غير الشرعية، طالما أن التفاوت مستمر بين الشمال والجنوب”.
وأضاف بنطالب، في تصريح لخبر سات، أن ما حدث في سبتة “أمر عادي للغاية، ومعروف تاريخيا على المنطقة، فقط العدد الكبير هو ما لفت انتباه الإعلام”، مشيرا إلى أن “تفسير أسباب هذه الموجة التي شملت قاصرين مغاربة وجزائريين وجنسيات أخرى، غير سليم وضعه فقط في خانة الأوضاع الاجتماعية”.
وتابع المختص في مجال الهجرة بأن “تشديد المغرب المراقبة على حدود ثغري سبتة ومليلية البرية بعد واقعة الناظور، جعل الهجرة عبر البحر مكلّفة للغاية، وما حدث يوم الأحد أمر جد منطقي، حيث الضباب يعدّ فرصة للمهاجرين”.
وحذّر المتحدث من أن مثل هذه المشاهد “يستغلها الغرب وأطيافه السياسية المعروفة من أجل تضخيم الوقائع والتأكيد للرأي العام أن هناك المهاجرين يهددون أمنهم”، مبينا أن “هؤلاء المهاجرين لن يتوقفوا عن الهروب من بلدانهم طالما أن الشمال والجنوب غير مستويين”.