ميلاد مكتب جهوي للنقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام بجهة بني ملال خنيفرة
أرجع الأكاديمي المغربي الحسن بوقنطار موجة الانقلابات في إفريقيا إلى تداعيات التغيرات الجيوسياسية التي واجهت بعض الأقطار الإفريقية، معتبرا إياها أحد العناصر المفسرة لما يقع من عدم استقرار بدت جلية في موجة الانقلابات التي عرفتها القارة في السنوات الثلاث الأخيرة.
في الواقع، فقد ساعد هذا الشكل الجديد من الحكامة على تسوية بعض النزاعات، وتحسين شروط الأمن والاستقرار والتنمية، مما مكن من إعادة موقعة القارة، التي أصبحت مجالا للتنافس على الفرص الاستثمارية التي تتيحها سواء من طرف القوى الكلاسيكية، كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا والولايات المتحدة، أو القوى الجديدة كالصين وروسيا وتركيا، ثم في ما بعد دول من القارة نفسها، كما هو الأمر بالنسبة للمغرب.لم يبق هذا التوجه الجديد محصورا على الدول، بل كرسه الميثاق المؤسس للاتحاد الإفريقي، الذي منح مسائل الديمقراطية وخاصة ما يتعلق بتدبير السلطة والحكم عبر احترام المسارات الدستورية لكل دولة، والحكامة الجيدة، واحترام حقوق الإنسان مكانة واضحة، على خلاف ما كان الشأن عليه في ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية.لكن الإنجازات المتفاوتة للدول الإفريقية على درب الديمقراطية والتنمية لم تحصن بشكل كامل ونهائي مسارات تدبير السلطة. فقد أخفقت بعض الدول في تدبير الانتقال الديمقراطي، واستمرت تعاني من الصراعات الداخلية، كما هو الامر بالنسبة للكونغو، أو من التوترات بفعل رفض بعض الرؤساء المنتخبين من احترام متطلبات الديمقراطية التي رفعتهم إلى سدة الحكم. وهي ظواهر قلصت من الثقة في المؤسسات النابعة عن الانتخابات التي غالبا ما تواجه انتقادات بفعل الخروقات التي تعتريها.لكن أكثر من ذلك، فقد واجهت بعض الأقطار الإفريقية تداعيات التغيرات الجيوسياسية التي كانت تقع سواء في محيطها أو في مناطق من العالم، دون أن تكون قادرة على مواجهتها لوحدها. وهي أحد العناصر المفسرة لما يقع من عدم استقرار بدت جلية في موجة الانقلابات التي عرفتها القارة في السنوات الثلاث الأخيرة.على الرغم من كون هذه الانقلابات تحيل إلى عناصر مشتركة مرتبطة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتردية في أغلبها، وضغوط التدخلات الخارجية التي تدافع عن مصالحها، فإنه من الخطأ الاعتقاد أنها إفراز لنفس الأسباب. فبقطع النظر عن الانقلاب الذي وقع في السودان، والذي يتطلب مقاربة خاصة اعتبارا لوضع هذا البلد، والذي لا يدخل ضمن تحليل هذا المقال، يمكن من خلال قراءة متفحصة لخاصيات كل انقلاب على حدة، التمييز بين انقلابات ناجمة بالأساس عن اعتبارات جيوسياسية مرتبطة أساسا بعجز مسلسل مواجهة الحركات الجهادية، وتأثير ذلك على المؤسسة العسكرية، وتدخل ضمن هذه الخانة، انقلابات مالي وبوركينا فاسو، والنيجر. في حين فإن الانقلابين اللذين وقعا في غينيا والغابون نابعان من اعتبارات مرتبطة أساسا بتدبير تداول السلطة في الدولة، واحترام الشرعية الدستورية.